ثلاث تضحيات كتبت في برقيات

ثلاث تضحيات كتبت في برقيات
( مقال )

كيف تشعر حين لا تجد معنىً لتضحيتك ؟ كيف تعيش بعالمٍ حين تجد أن يداك أصبحت كمجدافٍ متكسرٍ تأبى أن تصل بهما إلى حيث تريد ؟ كيف تجد نفسك حينما تشعر أن ساقيك أصبحتا كسفينةٍ تلعب بهما الأمواج كيف تشاء ، وبدورك لا تستطيع فعل شيء ؟ هل إنعدمت وماتت المعاني لدينا ؟ أم أننا بكل ما يحدث قد رضينا ؟
نضحي من أجل غيرنا وغيرنا لا يأبى لتضحياتنا ، نعذب أنفسنا كي يفرح من يعز علينا .. ولكن لا نجد منهم سوى( اللوم والعتاب )، إن التضحية بالسعادة من أجل الغير هي أسمى أنواع التضحيات، ولكن لماذا لا يفهم من نحبهم ذلك الشيء؟ ومني لهم بعض الأمثلة التي زينتها وكتبتها في برقيات..
1- مددت يداي في هذا الشارع وذاك ، وسألت ماراً يمشي هناك ، فسألني ماذا تريد ؟ قلت بضع ريالات ، وفعلت ذلك من أجلك فقط ، وضحيت بنفسي في الشوارع بعد ذلك ، كل يوم أجمع مبلغاً من المال كي أجلب فتات خبزٍ وأتقاسمه معك ، ونسد بها جوعنا ، لكن رفضتني ورفضت تلك التضحية ، فلماذا هكذا جازيتني ؟ وجعلت الجرح يزيد بقلبي، كنت لا تعمل وتجلس كملك وأنا أسعى وسعيت جاهدة من أجلك ، وأعطيتني ظهرك وكأنك لم تعرفني يوماً من الأيام ، أهكذا جزاء التضحيات تقابل ؟ وليس لدي ما أقوله الآن سوى ( عظم الله أجرك يا قلبي ).
2- تذكرت بكاءك في الظلام ، وفقدك للحنان ، وصرخت حين سمعت صوت الرعد والبرق يملآن المكان ، وحين محاولتي أن أخفف من رعبك رغم كوني خائفة أيضا ،ً صددتني ونكرتني ثم جرحتني بقولك ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ، اجل فقدت منذ الصغر الحنان ، ورجوت الحب والإهتمام ، وحاولت أن أعطيك جزءاً كوني لم أذقهما ، وعلمت جيداً معنى الفقدان ، حاولت جاهدةً أن أنير دربك ، ضاعت ألوان حياتك فأخذت من لون عيني إبداعاً وسحراً ، ومن خدي سلاماً وأماناً ، ومن يدي حباً وهياماً ، وإفترقنا اليوم بعد أن غيرت حياتك ثم ضحيت بسعادتي من أجلك ، فسعادتك وفرحك مع غيري ، وسحبت أوراقي من ملف حياتك ، فجعلتها مناديل علها تمسح مع الوقت دمعاتي وقلت بأعلى صوتي ( عظم الله أجرك يا قلبي ) .
3- ضاعت خطواتي، نسيت كلماتي، فارقتني تخيلاتي، ثم كرهت ذاتي، كل ذلك بسبب خوفي، خفت حين قلت أنني لم أرد بالألفاظ، بل بالأفعال، خفت أن لا أنفذ ما قد قلت ، وسبقتني عزيمتي ثم بإرادتي زرعت على الأحجار أزهاراً، ورويتها من خاطري مراراً وتكراراً، ونلت شرف الوصول إلى زمن التضحيات، تجولت فيها وأنا عارية الأقدام ، وجدت أنواعاً كثيرةً من معاني التضحيات ، منها ما تميز بألوانٍ فاتحةٍ خلابةٍ ( فأسرتني ) ، وحين محاولتي لأخذ جرعة منها نهرتني فابتعدت ، ووجدت في إحدى الأركان ألواناً ناريةً ملتهبة كألسنة النار التي تود أن تحرقنا ، وكانت صارخة صاخبة ، حاولت جاهدةً أن أتهرب منها ولكنها لزمتني بإقتناءها فأخذتها ، وعرفتني بنفسها قائلةً : ( أنها تضحية صعبة تجلب لي التعاسة ولمن أحب السعادة البالغة، وهي أصعب وأخطر أنواع التضحيات التي نقدمها لمن نحب ، وعندما قبلتها رفضني كل من لأجلهم بها قد ضحيت ) ، فهل هكذا نجازي من يضحي من أجل إسعادنا ؟
همسة:
لكل من يرجو أن يضحي من أجل إسعاد من يحب أقول ( أثبت حبك لا بالقول بل بالفعل ، وإن حتم عليك الدهر أن يكرهك كل من أحببتهم فلا تغضب ، فحبك لهم جعلك تفعل ما قد فعلت ثم لا تتراجع أبداً ، حيث أنك تفكر وقتها بعقلك لا بقلبك ، فهنيئاً لمن تحبهم وأحبهم قلبك ) .